
بينما أُطالع مقالات مركز مساعدة سيرش كونسول كالعادة لزيادة فهمي لطريقة عمل جوجل سيرش كونسول، قرأتُ -في مقال هناك- بعض العبارات التي أجبرت تفكيري على إعادة قراءتها، خصوصا أنّها تتضمّن إجابات عن تساؤلات عدد كبير من مشرفي المواقع الإلكترونية الذين يستخدمون هذه الأداة.
ولعلّ أبرز ما تجيب عنه هذه الصّفحة بالذّات، هو التّساؤل التّالي:
لماذا لا تظهر صفحتي على جوجل رغم أنه بعد فحصها باستخدام أداة فحص العنوان في جوجل سيرش كونسول تُظهر حالة “عنوان URL متوفّر على محرّك بحث Google”؟

المقال التي أقصده هو مقال مركز مساعدة سيرش كونسول بعنوان "فحص صفحة واحدة وتحديد مشاكلها وحلّها" وهو واحد من سلسلة مقالات تتناول أساسيّات استخدام جوجل سيرش كونسول، ويتناول تحديدا معلومات حول كيفية إجراء فحص لصفحة من صفحات موقع إلكتروني باستخدام أداة فحص العنوان وماذا تعني النتائج.
تمّ نشر مقال مركز المساعدة هذا في شهر يناير من سنة 2023، وأعتقد أنّ هذا التّعديل جاء لتوضيح تغيُّر طريقة تعامل أنظمة محرّك بحث جوجل مع فهرسة المحتوى وعرضه.
أتذكَّر أنّه قبل سنة 2023 أو أكثر بقليل، كان إذا قام مشرف موقع إلكتروني بإجراء فحص للصّفحة في جوجل سيرش كونسول، وظهرت حالة “عنوان URL متوفّر على محرّك بحث Google”، كان يعني أنّه عند البحث عن تلك الصّفحة في google.com
، كانت تظهر على نتائج البحث، ولو في مرتبة متأخّرة. على الأقلّ كانت تظهر بشكل أكيد إذا تمّ طلبها باستخدام عامل البحث site:
.
بعد هذا التّاريخ، صارت تعني عبارة “عنوان URL متوفّر على محرّك بحث Google” أن الصّفحة موجودة في خوادم جوجل، لكن بدون أي ضمانات على عرضها على نتائج البحث.
وهذا ليس سرّا، لأنّ جوجل تقول في المقال بشكل واضح:
يعلم معظمنا بـ"شروط فهرسة المحتوى في جوجل“، لكن هذه الفقرة تثير شيئا آخر، وهو ”شروط عرض المحتوى على جوجل"، وأيضا عدم إمكانية أداة فحص العنوان لاختبار شروط العرض هذه.
يُفهَم من هذا أنّ هناك شروطا لفهرسة المحتوى، وشروطا لعرض المحتوى كذلك، وهو ما يؤكّد بشكل أكبر أنّ فهرسة المحتوى في جوجل لا يعني عرضه بالضّرورة لأنّ شروط الفهرسة تختلف عن شروط عرض المحتوى، وربّما تتفّق في بعضها. وهذا ما يتمّ ذكره بوضوح كذلك، حيث تقول جوجل:
يُرجى العِلم أنّ الصفحة إذا كانت مفهرَسة، فذلك لا يضمن ظهورها على جوجل، ولكنّها الخطوة الأولى الضرورية. ويعني ذلك أنّ الصفحة مدرَجة في نظامنا.
أي أن فهرسة المحتوى في خوادم جوجل تُعتَبَر الخُطوة الأولى الضّرورية بعد ذلك تنظر جوجل في مدى قابليَّة عرض هذا المحتوى.
متابعة قراءة مقال مركز المساعدة هذا، سيعرض أمامك فقرة مهمّة أخرى، والتي تقول:
إذا كان البيان يتضمن عبارة عنوان URL متوفّر على Google، يعني ذلك على الأرجح أنّ الصفحة متوفّرة على Google أو يمكن أن تكون كذلك. ولا تشكّل هذه العبارة ضمانة، لأنّه لا يتم التأكّد من استيفاء بعض الشروط من خلال الاختبار.
يُمكن أن نفهم من هذا الجزء شيئا آخر، وهو أنّ الصّفحة التي تمّ فحصها قد لا تكون متوفّرة في فهرس جوجل من الأساس -في تلك اللحظة- رغم ظهور حالة “عنوان URL متوفّر على محرّك بحث Google” عند فحصها. وهذا مِن بَين مظاهر اختلاف حالة فهرسة الصّفحة، وهو موضوع تحدّثتُ عنه سنة 2021.
جزء مهم آخر من هذا المقال، وهو الإشارة إلى بعض شروط الأهلية، أو الأشياء التي تؤدّي إلى عدم ظهور المحتوى على جوجل رغم فهرسته:
في حال أجريت الاختبار المباشر، يشير بيان الصفحة في تقرير “فحص عنوان URL” إلى ما إذا كانت الصفحة تبدو مؤهّلة للظهور في نتائج محرّك بحث جوجل، ولا يعني ذلك بالضرورة أنّها تظهر في تلك النتائج. لا يتأكد التقرير من استيفاء بعض شروط الأهلية، مثل ما إذا كان قد تم تقديم طلب إزالة الصفحة أو الموقع الإلكتروني أو تم حظر أيّ منهما بسبب انتهاك سياسة ما.
نعلم أنّ وجود انتهاك لحقوق الطّبع والنّشر لموقع إلكتروني أو إحدى صفحاته يعني وجود إجراء يدوي في جوجل سيرش كونسول يُخبِر بوجود انتهاك مع إمكانية لطلب إعادة النّظر بعد إزالة المحتوى المحمي.
لكن، هل لاحظتَ عبارة “أو تم حظر أيّ منهما بسبب انتهاك سياسة ما”؟
بالنّسبة للزملاء الذين يتعذّر عليهم فهم لغة مركز المساعدة، تعني هذه العبارة -ضمن السياق- ما يلي:
لا تستطيع أداة فحص العنوان معرفة ما إذا تمّ حظر صفحة ما أو موقع إلكتروني بالكامل من الظّهور على جوجل بسبب انتهاك لسياسة من سياسات جوجل.
لاحظ أيضا عبارة “سياسة ما” (مفرد)، ولم تقل جوجل “سياسات” (جمع)، هذا يعني أنّ مجرّد انتهاك “سياسة واحدة” من الممكن أن يؤدّي إلى حظر الظّهور على جوجل.
هل تعلم بوجود إشعارا يظهر على جوجل سيرش كونسول يُخبِر بأنّه تمّ حظر صفحة أو موقع من الظّهور على جوجل؟ طبعا لا. لكن أعتقد أنّك تذكّرت شيئا ما. هل توحي لك عقوبات محرّك بحث جوجل الخفية بشيء؟
صديقي، أنت تقرأ واحدة من العقوبات الخفية التي يُطبّها محرّك بحث جوجل على صفحة أو موقع إلكتروني بالكامل دون عرض إشعار، وهو حظر الظّهور.
هل هو حظر دائم أم مؤقّت؟ تشير جوجل في العديد من وثائقها إلى أنّه لا يوجد حظر دائم، فقط من الممكن أن تتأخّر عملية مراجعة المحتوى بالكامل.
من هنا، نرجع إلى النّقطة الأساسية، وهي جودة المحتوى، لأنّ وجود انتهاك سياسة في صفحة ما يشير إلى جودتها المنخفضة، ومن وكلّما زاد عدد انتهاكات السياسات في صفحة كلّما قلّت جودتها أكثر.
انتهاكات سياسات وسياسات وسياسات، فما هي هذه السّياسات؟
من خلال متابعة وثائق بحث جوجل، وإرشادات مشرفي المواقع، ودليل مقيمي جودة البحث على مدار فترة طويلة، يمكن استنتاج أن “السياسات” التي تشير إليها جوجل هي تلك التي ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بظهور المحتوى في البحث، ومنها على سبيل المثال:
كلّ صفحة من الصّفحات في القائمة أعلاه تتضمّن تفاصيل سياسات معيّنة، وقد تتشارك في بعضها. مثلا سياسات المحتوى غير المرغوب فيه الخاصة بخدمة بحث الويب من جوجل عبارة عن 13 سياسة رئيسيَّة مع 41 مثالا لحالات انتهاك السياسات المذكورة (يُمكنك الاطّلاع على تحليل صفحة سياسات المحتوى غير المرغوب فيه في جوجل)
في ما يلي بعض الأمثلة لصفحات تُصنّفها جوجل على أنّها صفحات منخفضة الجودة بسبب المحتوى الأساسي أو غيره:
- صفحة تتضمّن محتوى تمّ إنشاؤه بدون جهد كاف: أي الصّفحات التي التي يفتقر فيها المحتوى الرئيسي إلى الإبداع أو الجهد أو المهارة الكافية.
مثلا شخص ميكانيكي خبير في مجال ميكانيك السيارات، لكنّه ينشر في موقعه الإلكتروني الذي يتضمّن نصائح طبية تتعلّق بالصّحة، مثل مقال حول فقدان الوزن وهو لم يجرّب فقدان الوزن من قبل وليس طبيبا، ومقال آخر في موقعه الإلكتروني لوصفات الطّعام، لكنّه ليست لديه مهارة أو معرفة في الطّبخ لأنّه في العادة يجد طعامه جاهزا على الطّاولة في أوقات الأكل.
- صفحة تتضمّن محتوى لا يُقدّم قيمة حقيقية للمستخدم: وهو ذلك المحتوى الذي يشعر الزائر عند قراءته أن المحتوى لم يُكتب بغاية الفائدة، بل فقط لملء الفراغ أو لمحركات البحث، فإن ذلك مؤشر على جودة منخفضة.
مثلا طاه دولي خبير للغاية في مجال الطّهو، يستخدم الذّكاء الاصطناعي لإعادة صياغة محتوى من موقع خبير جدا بمجال الميكانيك لينشرها في موقعه الإلكتروني الذي يتحدّث حول ميكانيك السيارات، وهذا الطّاه يستخدم دراجته الهوائية للانتقال بين المطعم ومنزله وليست لديه أدنى خبرة في علم الميكانيك.
في حال كنت ترغب في تقييم جودة إحدى صفحات موقعك الإلكتروني بعد أن رأيت أنها لا تظهر على البحث، فكّر في:
- ما هو الغرض الحقيقي من الصّفحة؟
- هل يُمكن أن تسبب الصّفحة ضررا؟
- هل تحقق الصّفحة غرضها والغاية منها بشكل جيد؟
يُمكنك قراءة شرح هذه الخطوات عالية المستوى لتقييم جودة الصّفحة.
إعادة الصّياغة لا تعني تحسين جودة بالضّرورة، وجود روابط خلفية لا تعني تصدّرا بالضّرورة، ربّما يحدث العكس، لهذا، فإنّ الإجابة على التساؤل الأساسي “لماذا لا تظهر صفحتي على جوجل رغم أنه بعد فحصها باستخدام أداة فحص العنوان في جوجل سيرش كونسول تُظهر حالة ‘عنوان URL متوفّر على محرّك بحث Google’؟” تتلخّص في أن توفّر عنوان URL في خوادم جوجل ليس سوى الخطوة الأولى والأكثر بدائية. فبعد هذه الخطوة، تخضع صفحتك للعديد من الشروط الأخرى المتعلقة بجودة المحتوى، والامتثال لسياسات جوجل المتعددة.
إنّ عدم ظهور صفحتك قد يعود لانتهاك إحدى هذه السياسات، حتى لو لم يتم إشعارك بذلك بشكل مباشر، وقد يكون هذا جزءا مما نسميه “العقوبات الخفية”.
في النهاية، كلما كان المحتوى ذا جودة عالية، وهدف حقيقي، ولا يشكل ضررا، ويفي بالغرض الذي أنشئ من أجله، زادت فرصه في الظهور بوضوح في نتائج بحث جوجل.
هل مررت بتجربة عدم ظهور صفحة رغم حالة “متوفر على جوجل”؟ كيف تعاملت معها؟ نود سماع قصتك ورأيك!